pacman, rainbows, and roller s
شبهات وردود

                      بسم الله الرحمن الرحيم

                   السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

         اللهم صلِ على محمد و آل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم 

         ((شيعة يزيد يعترضون على الحسين وشيعته ونحن نجيب)) 

لا يزال شيعة بني أمية فعّالين يمارسون نشاطهم الشيطاني في تغييب الحقائق وتزييف المفردات.. ومن أهم أولوياتهم: مهاجمة شيعة أهل البيت عليهم السلام، والتركيز على القضية الحسينية باعتبارها أحد أهم مكوّنات النضج والنماء الشيعي عبر التاريخ.. وبين أيدينا اليوم مجموعة من الأسئلة التي طرحها شيعة بني أمية في مجموعة من منتدياتهم، وتصوروا أنها يمكن أن تجدي نفعاً في الوقوف أمام المد الشيعي الهادر ببركة الحسين والأئمة الأطهار عليهم السلام.. وبالرغم من كونها أسئلة سطحية تتسم بالسذاجة وتنطلق من الجهل والتعنت، فإننا ـ بالرغم من ذلك ـ نجيب عنها إجابات مختصرة لا من باب الاعتقاد بأهميتها، بل لأجل أن نري أعداء الله مدى عجزهم، ونساهم في إيجاد تمرين لكيفية مناظرة أهل الجهل والعناد؛ ليفيد منه أهل الإيمان في حواراتهم.

وسنستعرض الأسئلة كلاً على حدة بحسب ترتيبها الذي ذكره واضعها، ونتعقَّب كلَّ سؤال بما يناسبه من الإجابات والتوضيحات، ثم نعرِّج على السؤال الذي يليه.. وهكذا إلى تمام الأسئلة.

فلنبدأ مستعينين بالله تعالى ومتوسِّلين إليه بجاه نبيه والطاهرين من آله صلوات الله عليه وعليهم. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.

السؤال الأول:

هل تؤمن أيها الشيعي بالقضاء والقدر؟

إن قلت نعم سأقول لك لماذ تضرب نفسك وتجلد ظهرك وتصرخ وتبكي على الحسين؟

وإن قلت أنك لاتؤمن بالقضاء والقدر انتهى الأمر بإعتراضك على قضاء الله وعدم رضاك بحكمته.

الجواب:

نعم نؤمن بالقضاء والقدر، ولكن هذا لا يعني عدم جواز الحزن جراء ما يقتضيه القضاء والقدر، ليس اعتراضاً على قضاء الله وقدره، بل حزناً لما يصيب الكرام من صنيع اللئام في هذه الدنيا الدنية، وتعبيراً عن شدة الارتباط العاطفي والولائي مع المظلوم، وشدة النقمة والسخط من الظالم..

ولو كان كل بكاء وحزن اعتراضاً على القضاء والقدر، لكن بكاء النبي وعلي وغيرهما على الحسين كذلك، وهو معلوم البطلان.. وهكذا بكاء النبي على حمزة وغيره..

ولنذكر الدليل من كتب أهل السنة على بكاء النبي صلى الله عليه وآله على الحسين عليه السلام:

عن عبد الله بن نُجَي عن أبيه أنه سار مع عليٍّ وكان صاحب مِطْهَرَتِهِ، فلمَّا حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين، فنادى عليٌّ: اِصْبِر أبا عبد الله، اِصْبِر أبا عبد الله بشط الفرات. قلتُ: وما ذاك؟ قال: دخلتُ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله ! أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: "بل قام من عندي جبريل قبل، فحدَّثني أن الحسين يُقتل بشطِّ الفرات. قال: فقال: هل لك إلى أن أ ُشمَّك من تربته؟ قال: قلت: نعم، فمدَّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عَيْنَيَّ أن فاضتا" .

نقلنا هذه الرواية من كتاب "الأنوار الباهرة" لأحد علماء أهل السنة، وهو أبو الفتوح التليدي، ص105 ، وقال أبو الفتوح مُعلِّقاً: رواه أحمد 1 : 85 بسند صحيح . وأورده الهيثمي 9 : 187 برواية أحمد والبزار والطبراني وقال: رجاله ثقات . انتهى . ومعنى "المطهرة" : الإناء الذي يُتطَهَّرُ منه.

علماً أنَّ هناك روايات عديدة بِهذا المضمون نتركها للاختصار.

ومعنى "وعيناه تفيضان" : تدمعان . وفي رواية أخرى في كتاب "مجمع الزوائد" للحافظ الهيثمي (9/188) أنَّ بكاء النبي - صلى الله عليه وآله - كان بدرجة من الشدة، بحيث سمعت أمُّ سلمة صوت تردُّد البكاء في صدره الشريف من خارج الحجرة . ونصُّ موضع الشاهد من الرواية : "فدخل الحسين فسمعتُ نشيجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبكي..." إلخ الرواية.

وروى أحمد بن حنبل في مسنده (1/242) طبعة دار صادر - بيروت، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

"رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ بِنِصْفِ النَّهَارِ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، مَعَهُ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ يَلْتَقِطُهُ، أَوْ يَتَتَبَّعُ فِيهَا شَيْئًا . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! مَا هَذَا؟ قَالَ: دَمُ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ لَمْ أَزَلْ أَتَتَبَّعُهُ مُنْذُ الْيَوْمَ . قَالَ عَمَّارٌ فَحَفِظْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَوَجَدْنَاهُ قُتِلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ" . انتهى بنصه من مسند أحمد.

وأوردها عنه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (9/194) وقال: "رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح" . ورواه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين (4/440) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه" ، ووافقه على التصحيح الحافظ الذهبي في "تلخيص المستدرك" .

فالبكاء على الحسين سنة نبوية، وفاعله مأجور إن شاء الله تعالى، والمعترض عليه مأزور مغرور.. نسأل الله العافية..

السؤال الثاني: من أمرك أيها الشيعي أن تفعل هذه الأفعال في عاشوراء؟

إن قلت الله ورسوله أمراني بهذا سأقول لك أين الدليل؟وإن قلت لي لم يأمرك أحد سأقول لك هذه بدعة.

وإن قلت أهل البيت أمروني سأطالبك أن تثبت من فعل هذا منهم؟

وإن قلت أني أعبر عن حبي لأهل البيت فسأقول لك إذاً كل المعممين يكرهون أهل البيت لأننا لانراهم يلطمون وأهل البيت يكرهون بعضهم بعضاً لأنه لا يوجد أحد منهم لطم وطبر على الآخر.

الجواب:

الدليل هو قول الإمام المعصوم جعفر الصادق عليه السلام:

(كلُّ الجزع والبكاء مكروه، ما خلا الجزعَ والبكاءَ لقتل الحسين) . وسائل الشيعة للحر العاملي : (14/505) برقم (19799) الباب (66) من أبواب المزار وما يناسبه. وصحَّحها الشيخ التبريزي في صراط النجاة (3/443) .

فهذا الحديث الصحيح دليل يشمل بعمومه جميع مظاهر العزاء والجزع على مصاب الحسين وأهل بيته عليهم السلام. وهو أحد الأدلة وليس الوحيد.

أما قول واضع الشبهة: وإن قلت أهل البيت أمروني سأطالبك أن تثبت من فعل هذا منهم؟

فنقول في جوابه: هذا جهل بأصول الاستدلال؛ لأن أمرهم كاف، ولا يحتاج إلى إثبات أنهم فعلوه، فالسنة القولية تغني عن السنة الفعلية، ولم يقل بضرورة ضم السنة الفعلية إلى القولية أحد من أهل العلم لا من السنة ولا من الشيعة..

وأما قول واضع الشبهة: وإن قلت أني أعبر عن حبي لأهل البيت فسأقول لك إذاً كل المعممين يكرهون أهل البيت لأننا لانراهم يلطمون وأهل البيت يكرهون بعضهم بعضاً لأنه لا يوجد أحد منهم لطم وطبر على الآخر.

فنقول في جوابه: 

أولاً: تضمن الكلام كذباً؛ لأن المعمَّمين (رجال الدين) أيضاً يلطمون، وهذا معروف مشهود، ولا ينكره إلا أفّاك أثيم، أو جاهل جريء..

وثانياً: من أين جزم هذا الجاهل أن أهل البيت لم يلطموا على الإمام الحسين عليه السلام؟

وثالثاً: قد قلنا إن إثبات المشروعية لا يشترط فيه إثبات أن أحد المعصومين قام به بالفعل، فأقوالهم تغنينا في المقام، وقد ذكرنا الحديث الصحيح عن الإمام الصادق عليه السلام.

السؤال الثالث: هل خروج الحسين لكربلاء وقتله هناك عز للإسلام والمسلمين أم ذل للإسلام والمسلمين؟ إن قلت عز للإسلام سأقول لك ولماذ تبكي على يوم فيه عز للإسلام والمسلمين أيسوؤك أن ترى عز للإسلام؟

وإن قلت ذلاً للإسلام والمسلمين سأقول لك وهل نسمي الحسين مذل الإسلام والمسلمين؟ لأن الحسين في معتقدك أيها الشيعي يعلم الغيب ومنها يكون الحسين قد علم أنه سيذل الإسلام والمسلمين.

الجواب:

إنَّ خروج الحسين عليه السلام كان عزاً للإسلام ونصرة للدين الحنيف، وهذا لا يرتاب فيه عاقل.. إلا أن اليوم الواحد قد تكون فيه حيثيات مُتعدِّدة، ويوم عاشوراء كذلك، فهو اليوم الذي عز فيه الإسلام، ولكن في اليوم نفسه كان هناك فداء عظيم في سبيل عزة الإسلام ورفعة شأنه، وهذا الفداء يمثل حيثية الحزن والجزع في يوم عاشوراء.. ولما كانت حيثية الحزن في هذا اليوم أظهر وأبرز من حيثية العزة والانتصار، فإن شيعة أهل البيت عليهم السلام يبكون على الحسين ومصابه، لغلبة حيثية المصاب على حيثية الفرح.. ولكن المنافقين لا يعلمون..

السؤال الرابع: ما الذي استفاده الحسين رضي الله عنه من الخروج لكربلاء والموت هناك؟ إن قلت خرج ليثور على الظلم فسأقول لك ولماذا لم يخرج أبوه علي بن أبي طالب على من ظلموه؟ إما أن الحسين أعلم من أبيه أو أن أبيه لم يتعرض للظلم أو أن علي لم يكن شجاعاً ليثور على الظلم؟

ولماذا لم يخرج أخو الحسن على معاوية بل صالحه وسلمه البلاد والعباد فأي الثلاثة كان مصيباً؟

الجواب:

كان هدف الحسين عليه السلام أن يفضح بشاعة الظلم والإجرام الذي يتميز به بنو أمية، وبالتالي هز الوجدان الإسلامي وحمل الأمة على التفكير في التغيير.. ولفت أنظار ذوي البصائر إلى أن هذا الطغيان ليس أمراً طارئاً بل هو ناتج لأسباب وعوامل مهدت له بدءاً من أحداث السقيفة وما تلاها من تواطؤ ضد أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة.. وبقيام الحسين عليه السلام وبحجم مظلوميته تبين كفر أولئك المدّعين للإسلام كذباً ونفاقاً..

ولم يخرج أبوه علي عليه السلام، لأنه كانت هناك وصية من النبي صلى الله عليه وآله بالصبر؛ والسر في ذلك أن خروج علي عليه السلام كان يمكن أن يضعف القوة الإسلامية من الداخل في زمان كان المسلمون أحوج إلى الاتحاد والتلاحم.. كما أنه عليه السلام لم يكن يمتلك القوة الكافية في حساب الظاهر (لا المعجزات) لمجاهدة مغتصبي الخلافة، ولذلك حين امتلك القوة في عصر تسلمه للحكومة، نراه بادر إلى محاربة عائشة وطلحة والزبير ومعاوية والخوارج، الذين كانوا يمثلون امتداداً لمغتصبي الخلافة فحاربوا الإمام علياً تعبيراً منهم عن رفضهم لحكومة المعصوم المنصوص عليه من قبل الله ورسوله.

وأما أخوه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، فهو أيضاً عبّأ وجيَّش الجيوش، ولم يصالح إلا بعد أن غدرت الأمة به ولم تنصره.. ولو وجد أنصاراً للقتال لما ترك مقاتلة بني أمية الدعاة إلى نار جهنم بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وآله حيث يقول عن عمار بن ياسر: تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار.

فالفرق يكمن في الظروف التي تحكم كل مرحلة، والإمام المعصوم من أهل البيت عليه السلام هو الذي يشخص مدى مناسبة الظروف للقيام أو القعود، والحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا..

السؤال الخامس: لماذا أخذ الحسين معه النساء والأطفال لكربلاء؟ إن قلت أنه لم يكن يعلم ما سيحصل لهم سأقول لك لقد نسفت العصمة المزعومة التي تقول أن الحسين يعلم الغيب.

وإن قلت أنه كان يعلم فسأقول لك هل خرج الحسين ليقتل أبناؤه؟

وإن قلت أن الحسين خرج لينقذ الإسلام كما يردد علمائك فسأقول لك وهل كان الإسلام منحرفاً في عهد الحسن؟ وهل كان الإسلام منحرفاً في عهد علي؟

ولماذا لم يخرجا لإعادة الإسلام؟

فأما أن تشهد بعدالة الخلفاء وصدقهم ورضى علي بهم أو تشهد بخيانة علي والحسن للإسلام.

الجواب:

بل كان يعلم سلام الله عليه، وإنما أخرجهن معه تطبيقاً لإرادة الله تعالى، وذلك لأنه كان هناك دور للنساء والأطفال، وهو تجلية البعد المأساوي للقضية بعد مقتل الحسين، إضافة إلى ممارسة الدور الإعلامي ما بعد مرحلة كربلاء..

وإنقاذ الإسلام كان ممكناً من غير تعريض النفس للقتل في زمن الإمام علي والحسن عليهما السلام، وأما في مرحلة الحسين فالظروف تغيرت، وكان لا بد من الفداء الحسيني العظيم.

وكما قلنا سابقاً عصمتهم عليهم السلام تجعلنا نثق في تشخيصهم، ونكل الأمر إليهم، ونعلم أنهم يوافقون إرادة الله ومشيئته في كل سكناتهم وحركاتهم..

ورسول الله صلى الله عليه وآله لم يجاهد الكفار طيلة 13 سنة في العهد المكي، وهذا لم يكن يعني اعترافاً بمشروعية كفرهم وطغيانهم، ثم تغيرت الظروف في فترة العهد المدني وبدأ الجهاد والقتال..

فالمعصوم هو الذي يشخص.. وأما المؤمن الحق فهو الذي يسلم تسليماً وليس للمؤمن أن يتخير ويعترض على المعصوم؛ قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب :36)

علماً أن شكاية الإمام علي وعدم رضاه عن الذين تقدموه، هي شكاية معلومة بالتواتر عند أهل المعرفة بالتاريخ والسيرة، وقد صرح بذلك المؤرخ المعتزلي ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (9/306) من مُحقَّقَة محمد أبو الفضل إبراهيم، وفي طبعة للأعلمي (3/130) . كما صرح بتواتر ذلك من علماء الشيعة: النباطي العاملي في كتاب الصراط المستقيم (3/42) 

ومن مشهور الروايات في مصادر شيعة أهل البيت: خطبة الوسيلة لأمير المؤمنين، وهي في الكافي، ج‏8 ، ص 28، التي ذكر العلامة المجلسي أنها مشهورة ومضامينها الرفيعة العالية تفيد صحتها، وفيها يقول الأمير سلام الله عليه: (وَلَئِنْ تَقَمَّصَهَا دُونِيَ الأشْقَيَانِ، وَنَازَعَانِي فِيمَا لَيْسَ لَهُمَا بِحَقٍّ، وَرَكِبَاهَا ضَلالَةً، وَاعْتَقَدَاهَا جَهَالَةً، فَلَبِئْسَ مَا عَلَيْهِ وَرَدَا، وَلَبِئْسَ مَا لأَنْفُسِهِمَا مَهَّدَا، يَتَلاعَنَانِ فِي دُورِهِمَا، وَيَتَبَرَّأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، يَقُولُ لِقَرِينِهِ إِذَا الْتَقَيَا: يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ. فَيُجِيبُهُ الأشْقَى عَلَى رُثُوثَةٍ: يَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْكَ خَلِيلاً لَقَدْ أَضْلَلْتَنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ للإِنْسَانِ خَذُولاً. فَأَنَا الذِّكْرُ الَّذِي عَنْهُ ضَلَّ، وَالسَّبِيلُ الَّذِي عَنْهُ مَالَ، وَالإِيمَانُ الَّذِي بِهِ كَفَرَ، وَالْقُرْآنُ الَّذِي إِيَّاهُ هَجَرَ، وَالدِّينُ الَّذِي بِهِ كَذَّبَ، وَالصِّرَاطُ الَّذِي عَنْهُ نَكَبَ، وَلَئِنْ رَتَعَا فِي الْحُطَامِ الْمُنْصَرِمِ وَالْغُرُورِ الْمُنْقَطِعِ، وَكَانَا مِنْهُ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ، لَهُمَا عَلَى شَرِّ وُرُودٍ فِي أَخْيَبِ وُفُودٍ وَأَلْعَنِ مَوْرُودٍ، يَتَصَارَخَانِ بِاللَّعْنَةِ، وَيَتَنَاعَقَانِ بِالْحَسْرَةِ، مَا لَهُمَا مِنْ رَاحَةٍ، وَلا عَنْ عَذَابِهِمَا مِنْ مَنْدُوحَة) . ومن المتون الحاكية عن شكايته عليه السلام ممن تقدَّمه: الخطبة الشقشقية التي في نهج البلاغة، ويقول العلامة المجلسي في البحار (29/505) إنها من مشهورات خطب الإمام علي عليه السلام روتها الخاصة والعامة في كتبهم وشرحوها. 

وحسبك ما جاء في صحيح مسلم (5/152) كتاب الجهاد والسير، باب حكم الفيء، مِن أنَّ الإمام عليًّا كان يرى كلاّ ً من أبي بكر وعمر (كاذباً آثماً غادراً خائناً) ، وهو اللفظ الذي أبدله البخاري بـ (كذا وكذا) ! وذلك في (صحيح البخاري) (6/191) كتاب النفقات.

والعجب من صاحب الشبهات؛ كيف غفل أو تغافل عمَّا في صحيح البخاري (5/83) باب غزوة خيبر، وفي صحيح مسلم (5/154) كتاب الجهاد والسير، باب قول النبي لا نورث...، حيث جاء فيهما صريحاً أنَّ الإمام عليًّا عليه السلام امتنع عن البيعة مدَّة ستة أشهر، ولم يصالح أبا بكر إلاَّ حين اضطرته الظروف بعد وفاة زوجته فاطمة الزهراء عليها السلام..

وجاء في كتب أهل السنة ما يدلُّ على أنَّ فترة حياة الزهراء كانت فترة توتُّر بين الطرفين، حتَّى التجأ عمر بن الخطاب إلى التهديد بحرق بيت ابنة رسول الله بسبب تحوُّله إلى مقرٍّ لاجتماعات المعارضة، كما جاء في مصنَّف ابن أبي شيبة (8/572) دار الفكر ـ بيروت. وقد تواترت الروايات عند شيعة أهل البيت على أن فاطمة الزهراء ماتت مقتولة من قبل عمر بن الخطاب وحزب قريش الناصبي.. فكيف يمكن بعد هذا كله الاعتراف بشرعية الحكومات التي تقدمت على الإمام علي، أو الاعتقاد بفضيلة لأولئك الظالمين؟

السؤال السادس: من قتل الحسين؟

إن قلت يزيد بن معاوية سأطالبك بدليل صحيح من كتبك.

وإن قلت شمر بن ذي الجوشن سأقول لك لماذا تلعن يزيد؟

إن قلت الحسين قتل في عهد يزيد فسأقول لك أن إمامك الغائب المزعوم مسؤول عن كل قطرة دم نزفت من المسلمين ففي عهده ضاعت العراق وفلسطين وأفغانستان وتقاتل الشيعة وهو يتفرج ولم يصنع شيء. (الشيعة يعتقدون أن إمامهم الغائب هو الحاكم الفعلي للكون)

الجواب:

أولاً: الاعتقاد بأن المهدي المنتظر هو الإمام الفعلي لهذا الزمان، وأن هذا الزمان هو زمن غيبته، ليس هو اعتقاداً ينفرد به الشيعة الإمامية، بل في علماء أهل السنة الكثير ممن يعتقدون بهذا، وقد سرد مجموعة من أسمائهم مؤلفُ كتاب (أئمة أهل البيت في كتب أهل السنة) ، وهو من تأليف فضيلة الشيخ حكمت الرحمة.

ثانياً: الإمامة لا يقصد بها (في اعتقاد شيعة أهل البيت) ما يعبر عنه بالحكم السياسي، بل المقصود بها هداية العباد وإخراجهم من الظلمات إلى النور.. والسلطة السياسية هي حق من حقوق الإمام، وليست هي معنى إمامته، كما أن كل سلطة سياسية تستمد مشروعيتها من إذن الإمام.. وبناء عليه نقول: الإمام المهدي المنتظر وإن كان هو إمام الزمان، إلا أنه غير محاسب على الظلم والفساد الذي يجري في الأرض؛ لأن هذه الفترة هي فترة غيبته، ومعنى الغيبة أنه لا يمارس حقه في المجال السياسي التنفيذي.. وهذا مثاله فترة العهد المكي (13 سنة) أي ما قبل الهجرة الشريفة، التي كان النبي صلى الله عليه وآله فيها نبياً وإماماً، ومع ذلك لم يكن صاحب دولة وسلطة سياسية، وقد وقعت في تلك الفترة ألوان العذاب والظلم على المسلمين، ولكن النبي لا يتحمل مسؤولية ذلك؛ لأنه لم يكن صاحب الدولة والسلطان، بل يتحمل مسؤوليتها كفار قريش الذين عتوا في الأرض وأكثروا فيها الفساد.

ثالثاً: الذي قتل الحسين عليه السلام هو يزيد، وإنكار هذا هو إنكار للواضحات التاريخية؛ لأن الجيش الجرار الذي واجه الحسين كان يتحرك بإيعاز من يزيد وولاته لعنهم الله.. والفرق بين يزيد وغيره، أن منهم من هو مباشر للقتل، ومنهم من هو مسبب للقتل، وحتى الذين خذلوا الإمام الحسين، هم مشاركون في قتله..

وليست القضية أنه قتل في عهد يزيد فحسب، بل القضية أن يزيد كان يريد ذلك ويرضاه ويأمر به..

ولنذكر طرفاً من تصريحات علماء أهل السنة في ذلك:

1 ـ كلام العلامة التفتازاني في يزيد بن معاوية:

قال العلامة التفتازاني (ت 792 هـ)، واسمه مسعود بن عمر - فيما نقله عنه المناوي في فيض القدير - :

"الحق أنَّ رضى يزيد بقتل الحسين وإهانته أهل البيت مما تواتر معناه، وإن كان تفاصيله آحاداً، فنحن لا نتوقّف في شأنه، بل في إيمانه، لعنةُ الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه".

انظر: فيض القدير 3 : 109 ، دار الكتب العلمية - بيروت.

2 ـ كلام الحافظ الذهبي في يزيد بن معاوية:

قال في كتابه تاريخ الإسلام 5 : 30 دار الكتاب العربي - بيروت:

"ولما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل ، وقتل الحسين وإخوته وآله ، وشرب يزيد الخمر ، وارتكب أشياء منكرة ، بغضه الناس ، وخرج عليه غير واحد ، ولم يبارك الله في عمره...".

وقال يصفه في كتابه سير أعلام النبلاء 4 : 37 ـ 38 مؤسسة الرسالة - بيروت:

"وكان ناصبياً، فظاً، غليظاً، جلفاً. يتناول المُسكر، ويفعل المنكر. افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة، فمقته الناس. ولم يبارك في عمره. وخرج عليه غير واحد بعد الحسين. كأهل المدينة قاموا لله، وكمرداس بن أدية الحنظلي البصري، ونافع بن الأزرق، وطواف بن معلى السدوسي، وابن الزبير بمكة".

3 ـ كلام العظيم آبادي شارح سنن أبي داود:

قال في كتابه عون المعبود شرح سنن أبي داود 11 : 127 دار الكتب العلمية ـ بيروت:

"وكان وفاة الحسن رضي الله عنه مسموماً، سمَّته زوجته جعدة بإشارة يزيد بن معاوية...".

4 ـ كلام الحافظ ابن كثير:

قال في كتابه البداية والنهاية 8 : 243 دار إحياء التراث العربي ـ بيروت:

"وقد أخطأ يزيد خطأ فاحشاً في قوله لمسلم بن عقبة أن يبيح المدينة ثلاثة أيام، وهذا خطأ كبير فاحش، مع ما انضم إلى ذلك من قتل خلق من الصحابة وأبنائهم، وقد تقدم أنه قتل الحسين وأصحابه على يدي عبيد الله بن زياد".

5 ـ كلام الحافظ السيوطي:

قال في كتابه تاريخ الخلفاء ص208 دار العلوم - بيروت:

"ولما قُتل الحسين وبنو أبيه، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد، فسُرَّ بقتلهم أولاً، ثمَّ ندم لمَّا مقته المسلمون على ذلك، وأبغضه الناس، وحُقَّ لهم أن يُبغضوه".

وقال في منظومته التي في آخر كتاب تاريخ الخلفاء، ص518 ما نصه:

ثمَّ اليزيدُ ابنُه أخبِثْ به ولداً ..... في أربع بعدها ستون قد قُبِرا

6 ـ كلام الشوكاني في نيل الأوطار:

قال في كتابه المذكور 7 : 362 دار الجيل - بيروت:

"لا ينبغي لمسلم أن يحط على من خرج من السلف الصالح من العترة وغيرهم على أئمة الجور، فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم، وهم أتقى لله وأطوع لسنة رسول الله من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم، ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأن الحسين السبط رضي الله عنه وأرضاه باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية لعنهم الله، فيالله العجب من مقالات تقشعر منها الجلود ويتصدع من سماعها كل جلمود".

7 ـ كلام ابن تيمية في الوصية الكبرى، وهي الرسالة السابعة من "مجموعة الرسائل الكبرى" له:

قال في ص307 من الرسالة المذكورة:

"وأمَّا الأمر الثاني: فإنَّ أهل المدينة النبوية نقضوا بيعته [يقصد يزيد بن معاوية] ، وأخرجوا نوابه وأهله، فبعث إليهم جيشاً، وأمره إذا لم يطيعوه بعد ثلاث أن يدخلها بالسيف ويبيحها ثلاثاً، فصار عسكره في المدينة النبوية ثلاثاً يقتلون وينهبون ويفتضون الفروج المحرَّمة، ثم أرسل جيشاً إلى مكَّة، وتوفِّي يزيد وهم محاصرون مكة، وهذا من العدوان والظلم الذي فُعل بأمره".

وبالرغم من هذا الاعتراف الصريح، لم يستحي ابن تيمية أن يقول في ص308 ما نصُّه:

"ومع هذا فإن كان فاسقاً أو ظالماً، فالله يغفر للفاسق والظالم، لا سيما إذا أتى بحسنات عظيمة".

فانظر إلى هذه المحاولة المشبوهة في التشكيك في فسق يزيد عليه لعائن الله، وانظر إلى محاولته المشؤومة لطرح احتمال أنَّ يزيدَ مغفورٌ له..!!!

8 ـ أخرج البخاري في صحيحه 8 : 88 ، دار الفكر - بيروت ، ما نصه:

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَدِّي قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ هَلَكَةُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَرْوَانُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ لَفَعَلْتُ فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مُلِّكُوا بِالشَّأْمِ فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَالَ لَنَا عَسَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ قُلْنَا أَنْتَ أَعْلَمُ.

وقال الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه "مع الشيخ عبد الله السعد":

"قد جاء تفسير هؤلاء السفهاء في حديث أبي هريرة نفسه بأنهم: (بنو حرب وبنو مروان) وأول بني حرب هو معاوية".

والذي تبناه الحافظ ابن حجر (فتح الباري 13 : 8) : أن الحديث ينطبق على يزيد بن معاوية فمن يليه.

9 ـ قال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية، برقم 4587 :

وقال الحارث وأبو يعلى جميعاً: حدثنا الحكم بن موسى، قال: حدثنا يحيى بن حمزة، عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي عبيدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا يزال هذا الأمر قائماً بالقسط، حتى يثلمه رجل من بني أمية. 

رجاله ثقات، إلاَّ أنه منقطع.

وقال أبو يعلى، حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا الوليد، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن أبي عبيدة نحوه، وزاد: يقال له: يزيد.

10 ـ (كتبه الشريف العلوي في المجلس اليمني ولم أتحقق من صحته) وقال الإمام محمد بن إبراهيم الوزير: (فإنه فاسقٌ متواترُ الفسق والظلم, شرِّيب الخمر, وهذا يبيحُ سبّه ويُغضب ربّه، ولو لم يكن له إلا بغضُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام, لكفاه فسوقاً ومقتاً عند الله وعند الصالحين من عباده, ففي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنه لا يبغض علياً إلا منافقٌ) ا.هـ

وقوله: (فيزيد ناصبيٌّ عدو لعلي وأولاده عليهم السلام, مظهرٌ لعداوتهم, مظهرٌ لسبِّهم ولعنهم من على رؤوس المنابر، ناصبٌ للحـرب بينه وبين مَن عاصره منهم, ومن جهل هذا فهو معدودٌ من جُملة العامة الذين لم يعرفوا أخبار الناس, ولا طالعوا تواريخ الإسـلام، وما أحسن البيت: 

والشمس إن خفيت على ذي مقلةٍ *** نِصفَ النهار فذاك محصولُ العمى ) ا.هـ

السؤال السابع: أيهما أشد على الإسلام والمسلمين وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أم مقتل الحسين؟ إن قلت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم سأقول لك لماذا لا نراكم تلطمون على النبي؟

وإن قلت مقتل الحسين أشد ستثبت للناس أن النبي لا قدر له عندكم وأنكم تفضلون عليه الحسين.

الجواب:

النبي الأكرم هو الأعظم منزلة وقدراً في قلب كل مؤمن، ووفاته أكبر خسارة ومصيبة بُلي بها المسلمون بلا ريب، إلا أن وفاته صلى الله عليه وآله لم تكن بصورة مفجعة مأساوية.. وهذا هو الفرق..

فبكاء وافتجاع شيعة أهل البيت عليهم السلام على الحسين هو بقدر مأساوية الشهادة والفداء الحسيني..

وإلا فإن الشيعة يلطمون أيضاً على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ولا ينفي هذا إلا كاذب.

والحقيقة أنّ الله شاء أن يكون مُصاب المؤمنين بالحسين سلام الله عليه ذا عُمق كبير ومتميز؛ بحيث يبقى عبر التاريخ قاعدة ينطلق منها التغيير والإصلاح على جميع المستويات في حياة الإنسان.. ومن هنا لا نستغرب حين نقرأ قول الإمام الخميني ـ صاحب أكبر حركة تغييرية إصلاحية في عصر الغيبة الكبرى ـ كل ما لدينا هو من بركات محرم وصفر..

السؤال الثامن: الحسين رضي الله عنه (في دين الشيعة) يعلم الغيب كاملاً فهل خرج منتحراً وأخذ معه أهله؟

إن قلت نعم طعنت بالحسين واتهمته بقتل نفسه وأولاده.

وإن قلت لا نسفت عصمته وأسقطت إمامته.

الجواب:

أولاً: الغيب المطلق والكامل مختص بالله تعالى، وإنما يُظهر على مقدار منه من ارتضى من عباده.. قال تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً، إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) [الجـن: 26 ـ 27] .. وهذه هي عقيدة شيعة أهل البيت عليهم السلام، ولذلك رووا عن أئمة أهل البيت أنهم لا يعلمون جميع حروف اسم الله الأعظم، ففي بصائر الدرجات: ...عن أبي جعفر عليه السلام قال إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً، وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس ثم تناول السرير يده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين. وعندنا نحن من الاسم اثنان وسبعون حرفاً، وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. انتهى. فهذه الرواية وأمثالها دليل على وجود حيز من الغيب الذي لا يعلمونه عليهم السلام. ويظهر من بعض روايات الباب في كتاب البصائر أن هذا الغيب المستأثر هو فيما يرتبط بذات الله تبارك وتعالى.

ولو كانوا عليهم السلام على إحاطة مطلقة بالغيب لما احتاجوا إلى المسدد والمرشد من الملائكة والروح، ففي كتاب بصائر الدرجات: ...عن سماعة بن مهران قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الروح خَلْقٌ أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله يسدده ويرشده، وهو مع الأوصياء من بعده. انتهى.

ثانياً: كان الحسين عليه السلام يعلم ـ بإعلام الله تعالى له ـ أنه يموت شهيداً، فبادر إلى مصرعه ليرتقي درجة الشهداء، ويكون سيد الشهداء.. ومن يعلم أنه إذا ذهب إلى ساحة المعركة فإنه سيستشهد، لا يقال عنه إنه انتحر.. بل هذا إن صح التعبير عنه بالانتحار، فهو انتحار جائز في الشريعة الإسلامية، لأنه انتحار مطلوب، ولهذا فإنَّ الشهيد شخصية سامية مميزة في الإسلام، لأنه يضحي بنفسه في سبيل إعلاء كلمة الحق.. ومن يعبر عن الشهيد بأنه انتحر، ويريد أن يجرّمه بهذا، فهو إنسان جاهل أحمق، أو معاند للإسلام وأهله..

السؤال التاسع: يقول علمائكم أن للأئمة ولاية تكوينية تخضع لسيطرتها جميع ذرات الكون، فهل كان شمر قاتل الحسين يخضع لولاية التكوينية؟

إن قلت نعم فهذا يعني أن الحسين مات منتحراً لأنه لم يستخدم ولايته التكوينية.

وإن قلت لا لا يخضع كذّبت كل علمائك الذين أجمعوا على القول بالولاية التكوينة.

الجواب:

لا ريب أن شمراً ـ كسائر كلاب الدنيا ـ يخضع قهراً لولاية الإمام الحسين عليه السلام، إلا أن هذا الخضوع إنما يتم بإعمال وتنفيذ الإمام لولايته، فإن شاء أعملها، وإن لم يشأ لم يُعملها.. والحسين عليه السلام لم يُعمل ولايته؛ وذلك لأنّه أراد أن يخضع للمسار الطبيعي للأمور حتى يكون الفائز بالشهادة، وأيضاً لأن هذا النمط من الابتلاء سوف يوجد هزة وجدانية عظيمة في ضمير الأمّة بما يؤدي ـ ولو تدريجياً ـ إلى يقظتها.. وهكذا جميع أولياء الله تبارك وتعالى، فإنهم لا يعملون ولايتهم في المسار الذي يكون صبرهم موجباً لرفعة منزلتهم عند الله تعالى مع الأمن على الدين.

والقضية جارية حتى في ولاية الله تبارك وتعالى؛ فإنه الذي نؤمن أنه (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يـس: 82] ، وأنه الذي يقول صدقاً وحقاً: (وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) [القمر: 50] ؛ ومع ذلك فهو تبارك وتعالى لا يعمل هذه الولاية التكوينية في جميع العرصات، ففرعون كان خاضعًا لولاية الله تعالى، ومع ذلك لم يكن الله تبارك وتعالى يتدخل بالولاية التكوينية لمنع فرعون من ممارسة ألوان العذاب التي كان يصبها على بني إسرائيل.. وهكذا جميع فراعنة التاريخ ومجرميه كصدام وعلي عبد الله صالح وآل سعود.. وغيرهم؛ فإن الله تعالى لا يريد أن تكون الدنيا منضبطة على أساس الولاية التكوينية التي تعني سلب الاختيار بالنسبة للعباد، بل يريد الله تعالى لهذه الدنيا أن تكون داراً للامتحان، حيث يتميز الخبيث من الطيب..

وهكذا أولياؤه عليهم السلام؛ فإنهم إنما يُعملون الولاية التكوينية في إطار محدود للغاية، كأن يكون الموقف موقف إثبات لحقانية دين الله وتصديق لرسالة نبيه.. وإلاَّ فهم يخضعون لأشد أنواع الابتلاءات لترتفع درجتهم عند الله، ولتتم الحجة على أهل البغي والعدوان..

السؤال العاشر: في حفلات عاشوراء أقول حفلات لأن المعممين يأخذون أموالاً مقابل إحياء هذه الأيام مثل المطربين في حفلات الصيف، في حفلات عاشوراء هل أخذ المعمم والرادود للأموال مقابل أن يبكي أو يغني لكم هل نعتبره متاجرة بذكرى الحسين؟

إن قلت نعم انتهى أمرهم.

وإن قلت لا قلت لك لماذا لا يبكون ويغنون مجاناً لو كانوا يحبون الحسين؟

الجواب:

هناك فرق كبير وجوهري بين حفلات الطرب وبين القراءة الحسينية، ومحاولة تشبيه أحدهما بالآخر هو تعبير عن الحقد المتأجج في قلوب النواصب ـ لعنهم الله ـ ضد أهل البيت وشيعتهم.. علماً أن كثيراً من أهل السنة يشاركون شيعة أهل البيت في هذه التجمعات الدينية والمظاهر الإيمانية.

ففي حفلات الطرب يكون اللهو والطرب هو المحور الذي يستقطب الحضور، في حين أن ذكر الله والموعظة الدينية ومحبة أهل البيت والحزن على مصابهم عليهم السلام هو المحور الإيماني الذي يستقطب الحاضرين في قراءة العزاء الحسيني الشريف.

أما استلام مبلغ من المال إزاء القراءة الحسينية، فلا يصلح للتشبيه بين الموضوعين؛ لأن الفكرة هي أن قارئ العزاء يتفضل بالقراءة والإبكاء طبق مهارة خاصة لا يتمكن منها كل أحد، ولذا يقوم أهالي تلك المنطقة بإهدائه مبلغاً من المال تعبيراً عن تقديرهم لجهده واحترامهم لرساليته. ومن قراء العزاء من نذر نفسه وعمره لخدمة المنبر الحسيني، وهذا التفرغ يعني أنه ينقطع عن مصادر الرزق الاعتيادية، وبالتالي فهو بحاجة إلى أن يُخصص له عطاءٌ من أجل أن يستطيع مواصلة مهمته الرسالية، وأهل الإيمان يقومون بهذه المهمة فيوفرون للخطيب والقارئ الحسيني ما يؤمن له جانب المعيشة ليتفرغ ذهنه لرسالته الخطيرة.

وما يأخذه الخطيب الحسيني لا ينقص من قدره، ولا من قدر مهنته الرسالية؛ فالأطباء يأخذون إزاء مجهودهم في معالجة المرضى مبالغ من المال، وهذا لا ينقص من قيمة الطب ولا الأطباء، بل الناس يدفعون ما يدفعون من المال مع كل الاحترام والتقدير للطب والأطباء.. وقراء القرآن في مجالس التعزية في كثير من الدول العربية يتقاضون مبلغاً من المال إزاء تلاوة عطرة من القرآن الكريم، وكذا القراء الذين يقرؤون ضمن برنامج التلفاز الوطني، فذلك لا ينقص من قدر قراءة القرآن ولا قدر قرّائه الكرام.. والمعلِّم الذي يمارس مهنة التربية والتعليم يتقاضى إزاء وظيفته الرسالية مبلغاً من المال أيضاً.. وهكذا في جميع مفاصل الحياة.. وليس من المنطقي أن نطالب شخصاً بالتفرغ من أجل وظيفة ذات أهمية بالنسبة لنا، ثم نمنعه من العطاء المالي الذي يعينه على ممارسة تلك الوظيفة؛ كأن نقول للمعلم: عليك أن تتفرغ للتربية والتعليم، ولكن لا تطلب مالاً ولن نعطيك مالاً لأن هذا ينقص من شأن التعليم ومن شأنك..! إذن لرفض ذلك الشخص ما عرضناه عليه، ولاستنكر أشد الاستنكار ما شرطناه عليه.. وحقَّ له.

فالتبرير نفسه يجري في مجال الخطابة الحسينية التي هي رسالة ذات أهمية قصوى لحياة المؤمن بل الإنسانية جمعاء.. فالموضوع ليس متاجرة بذكر الحسين عليه السلام، بل هو مجرى طبيعي يقتضيه التفرغ مع إلحاح متطلبات الحياة.. مع أننا نعرف مجموعة من الخطباء الذين مكنهم الله من واسع رزقه لا يقبلون ما يقدم لهم من المال، وربما قبلوه ليتبرعوا به مباشرة لفقراء الناس في المنطقة أو للمشاريع التي تصب في المسار الحسيني السامي.

السؤال الحادي عشر: لماذا نرى من يلطم ويصرخ ويجلد نفسه بالسلاسل ويضرب رأسه بالسيف هم أنتم أيها البسطاء بينما لم نرى أصحاب العمائم يفعلون ذلك؟

إن قلت كلامي غير صحيح وهم يلطمون ويطبرون ويزحفون مثلكم طالبتك بالإثبات؟

وإن قلت نعم هذا هو الواقع فسأترك ألف علامة استفهام في رأسك حول ولائهم ومحبتهم للحسين.

الجواب:

تعبير الناصبي عن شيعة أهل البيت بالبسطاء (السذج) هو تعبير عن نظرة الاستعلاء والازدراء والاحتقار التي ينظر بها النواصب إلى شيعة أهل البيت عليهم السلام.. وهو تجسيد للبغض والنصب لأهل البيت وشيعتهم.. والحقيقة أن غير المختصين في العلوم الإسلامية من شيعة أهل البيت هم أفضل بكثير حتى من علماء أهل السنة؛ لأن الذي شرفه الله بنعمة الولاية والإيمان، هو صاحب وعي وشرف وكرامة، في حين أن المحروم من هذه النعمة هو من حزب الشيطان الذين لا كرامة لهم عند الله مهما تبجحوا ومهما تقمصوا أزياء العلم والدعاوى الفارغة.

أمّا أنّ أهل العلم والاختصاص الفقهي (رجال الدين) لا يشاركون سائر شيعة أهل البيت في مظاهر العزاء المفعمة بنمط عال من الجزع والافتجاع، فهذا رجمٌ بالغيب وقول بغير دليل، وسببه أن النواصب لا يقتربون من شيعة أهل البيت ليخبروا هذه الأمور من قريب، فيكتفون بالكذب والتدليس.. والحقيقة أن رجال الدين الشيعة كسائر شيعة أهل البيت منهم من يفعل ذلك ومنهم من لا يفعله، فالقضية ترتبط بمدى قناعة المؤمن بارتباط المظهر السلوكي الخاص بالولاء والعزاء والجزع، فكما أن مجموعة من غير رجال الدين لا يجدون في أنفسهم ميلاً إلى بعض أنماط السلوك العزائي، فكذلك مجموعة من رجال الدين..

كما أن بعض المظاهر قد تكون ذات طابع اجتماعي خاص، فبعض الأمور تعتبر عرفاً سلوكاً يختص بغير ذوي الشرف والمكانة الخاصة في المجتمع، وهي نظرة عرفية يراعيها جميع العقلاء في العالم، فرئيس الجمهورية لا يسعه أن يظهر أمام الناس وهو يلعق البوظة (الآيسكريم) ، مع أن هذا السلوك مقبول عند العرف إذا صدر من شخص اعتيادي لا يتميز بمقام مثل مقام رئيس الجمهورية.. وهكذا ظاهرة المشي في السوق بالنسبة لرجل الدين البارز وهو ممسك بيد زوجته.. وهكذا الكثير من المظاهر السلوكية التي يحضرها العرف على طراز خاص من الناس لنظرة تشريفية، بينما يجيزها لسائر الناس..

ولما كانت بعض مظاهر العزاء الحسيني هي من هذا النمط، كالتطبير والضرب بالسلاسل والركض على الجمر، فإن رجال الدين قد يمتنعون عنها لأنها محضورةٌ عليهم طبق النظرة العرفية الخاصة.

فتلخص أن امتناع بعض الناس عن مظهر معيّن من مظاهر السلوك قد يكون لعدم الاقتناع والميل الخاص، أو لمحضورية عرفية خاصة، وليس ذلك لعدم الولاء لأهل البيت عليهم السلام.

السؤال الثاني عشر: أنتم تصرخون في عاشوراء من كل عام يالثارات الحسين بإشارة واضحة منكم للإنتقام ممن قتل الحسين! السؤال هنا لماذا لم يأخذ الأئمة بثأر أبيهم من قتلته كما تزعمون؟

فهل أنتم أكثر شجاعة منهم؟

إن قلتم نحن أكثر شجاعة انتهى الأمر.

وإن قلتم لم يقدروا بسبب الأوضاع السياسية فسأقول لكم وأين الولاية التكوينية التي تخضع لسيطرتها جميع ذرات الكون؟ أم هي خرافة فقط في رؤوسكم؟

ثم من هم الذين ستأخذون ثأر الحسين منهم؟

الجواب:

أما أن الأئمة لم يأخذوا بالثأر، فهذا من جهل الناصبي؛ لأن جميع من شارك في قتل الحسين عليه السلام لقي مصيره المشؤوم في دار الدنيا على يد ثوار الشيعة، وقد كانوا يتحركون بمباركة من أئمة أهل البيت عليهم السلام، ودونك ثورة المختار الثقفي وغيره ممن صاغوا ملحمة الثأر..

ولا ننفي بقاء رصيد وافر من الثأر الذي لم يتمكن منه الأئمة عليهم السلام للظروف الخاصة، وبالنسبة للولاية التكوينية فقد أوضحنا سابقاً أن الأئمة هم الذين لا يُعملونها لحكمة خاصة، وعدم إعمالها لا يدل على عدمها.

والذي سوف يفي بثأر الحسين سلام الله عليه هو الإمام المهدي المنتظر عليه السلام، وحين يظهر سيتحد السنة والشيعة تحت لوائه العظيم وينتقمون من قتلة الحسين ومن والاهم، ومن أبرز مصاديق من والى قتلة الحسين هذا الناصبي ومن ينتمي إليهم، وعلامة ذلك أنهم يدافعون عن يزيد وشيعته وينتقصون من الحسين وشيعته.. ومع ذلك نكل أمر التشخيص القطعي لأعداء الحسين من السلف والخلف على الإمام المهدي المعصوم، الذي سوف يقاتل تحت لوائه جميع المسلمين، ويتحد السنة والشيعة بذلك، ويتضح على يديه الدين الحق.

السؤال الثالث عشر: هذا السؤال موجه لمهدي الرافضة الهارب، لماذا أنت هارب حتى الآن هل أنت خائف من شيء؟ أم أنك خرافة؟ وهل صحيح أن ستخرج بقرآن جديد غير هذا القرآن؟ إن قلت أن لست خائف فسأقول لك ماذا تنتظر لتخرج؟

إن قلت أنتظر أمر الله فسأطلب منك الدليل لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئاً إلا بينه لنا، إلا كنت ستطعن في النبي فهذا أمر آخر.

عندما ألتقيك أيها الإمام الوهمي سأطلب منك إقامة مناظرة بيني وبينك في غرفة أنصار أهل البيت عليهم السلام في البالتوك.

الجواب:

مع أننا غير مخاطبين بهذا السؤال التافه، ونعتقد أنه سباب أكثر من كونه سؤالاً، وصاحبه والحزب الذي ينتمي إليه كفار بهذه الصياغة السبابية للإمام المهدي.. بالرغم من ذلك نتبرع بالإجابة خدمة للإمام المهدي سلام الله عليه الذي نعتقد أنه بدوره سوف ينتقم ـ عاجلاً ثم آجلاً ـ من هذه العينات النجسة.

ونجيب أولاً: المهدي سلام الله عليه ليس هارباً، وهو من نسل أناس لا يهربون، والحقيق بأن تنسب إليه هذه الصفات هم أنتم وأسلافكم؛ فقد ثبت في التاريخ أن أسلافكم كانوا يفرون في الحروب ويتركون رسول الله لوحده في ساحة المعركة.. ويظهر أن الطريقة الوحيدة للهروب من الشعور بهذه العقدة عندكم، هي أن تنسبوا هذه المنقصة إلى البرآء منها؛ ظناً منكم أنكم بذلك ستغطون على العار الذي لحقكم ولحق سلفكم الطالح الفار من الزحف.

ثانياً: إن معركة الإمام المهدي ـ سلام الله عليه ـ لم تبدأ بعد حتى يوصف بالهروب، بل هو الآن في مرحلة ما قبل المعركة والمواجهة. وإن كان شيعته الآن في مرحلة مواجهة، وقد أثبتوا في إيران ولبنان أنهم أهل مواجهة وليسوا أهل هروب مثل النواصب وأسلافهم..

ثالثاً: الذي ينبغي التساؤل عنه ليس هو الهروب؛ لأننا ذكرنا وجهين لانتفاء الهروب في حقه عليه السلام، بل الذي ينبغي أن يُتساءل عنه هو سبب تأخر الظهور. والجواب يكمن في عدة أمور أحدها أن في علم الله تعالى أن كثيراً من أهل السنة سوف يتشيعون وأن كثير من المؤمنين هم الآن في أصلاب غير المؤمنين من المسلمين أو الكافرين، وتأخير الظهور هو بهدف تميز الخبيث من الطيب.. إلى غير ذلك من أسباب طول الغيبة التي تستفاد من روايات أهل البيت عليهم السلام.

رابعاً: بالنسبة للقرآن الكريم، فلا ريب أن المخالفون لأهل البيت سيشعرون بصدمة كبيرة حين يسمعون الإمام المهدي يتلو ويفسر القرآن الكريم، والسر يكمن في أن طريقة عرض الإمام المهدي للقرآن مع طريقة بيانه وتفسيره ستمثل (تسونامي) يجرف الكثير من المرتكزات المغلوطة في الذهنيات الدينية المنحرفة. فليست المسألة قرآناً جديداً، بل المسألة هي الجدة في العرض والقراءة والتفسير.

خامساً: بالنسبة للمناظرة بين الإمام المهدي ـ سلام الله عليه ـ وبعض النواصب، فهذا أمرٌ مستبعد جداً؛ لأننا نستبعد أن يبقى هؤلاء النواصب إلى يوم ظهوره عليه السلام؛ لأننا نشهد بوضوح تقلصهم وتضاؤل عددهم وانحسار تأثيرهم حتى في مراكزهم. 

إضافة إلى أن أحد أسس المناظرة الجادة والناجحة أن يكون الطرفان متقاربان من حيث المستوى العلمي أو الكفاءة في الموقع الاجتماعي، في حين أن النواصب هم مجموعة من الجهلة المجرمين، وأكثر شيء يحسنونه هو القتل والتفجيرات والخطابات التكفيرية.. والمسلمون يشعرون باشمئزاز وتقزز منهم ومن نمطيتهم الرجعية الساقطة، فكيف يمكن أن يكون واحد من هؤلاء كفؤاً في الحوار مع إمام معصوم من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً؟

إضافة إلى أن الأساس في دعوة الإمام المهدي هو الإقناع بالمعجزة والكرامة، ومن لم يقبل فليس له إلا السيف، وبناء عليه: نستبعد أن يقبل المناظرة حتى مع أكبر علماء النواصب، بل نتوقع أن يقول الإمام لهم: إما أن تدخلوا تحت ولايتي وإما أن أذيقكم حر السيف.

وبهذا نكون قد فرغنا باختصار من الإجابة عن الأسئلة السطحية التي وجدنا فيها رائحة النصب منتنة كالعادة.

والله نسأل أن يتقبل منّا هذا المجهود المتواضع بفضله ومنّه وببركة الأطهار محمد وآله صلى الله عليهم أجمعين.

والحمد لله رب العالمين.




الصفحة الرئيسية